الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة زوم على قرطاج: تفوّق الفنان التونسي من الجبالي الى شيبة وبوزيان، ومارسيل خليفة الحاضر الغائب!

نشر في  06 أوت 2014  (11:57)

مرّ اليوم على رفع الستار عن مهرجان قرطاج الدولي في دورته الـ50 عشرون يوما، قدمت خلالها عروض متنوعة تراوحت بين التونسي والغربي والعربي والإفريقي والثابت أنّ لكلّ عرض طابعه الخاص ونكهته لدى جمهوره...
أخبار الجمهورية حاولت في هذه الورقة رصد ابرز العروض التي احتضنها المسرح الروماني بقرطاج..

محمد الجبالي يكسب الرهان ويتفوّق على كارول سماحة

في حفل مزدوج بين تونس ولبنان، قدم مهرجان قرطاج الدولي عرض جمع كلا من الفنان التونسي محمد الجبالي واللبنانية كارول سماحة.
الجبالي راوح في فقرته بين الغناء وبين مقتطفات من مسرحية «بلدي الثاني»، حيث استهل العرض باغنية «زين العمامة قبل ان يؤدي اغنية «عاشوا اللي يحبونا» وقدم الجبالي كوكتال ضمّ اجمل اغانيه القديمة على غرار «خليني بجنبك وانت الكل في الكل  ويزيني ويا حنيّن اضافة الى اغنية جديدة تحمل عنوان «اسمك محلاك» التي تفاعل معها الجمهور
الجبالي وبعد ان نجح في شدّ انتباه الجمهور وتفاعله  مع ما قدمه من أغان عرض مقتطفات من عمله المسرحي «بلدي الثاني» والتي انتقد فيها الوضع الفني في تونس بطريقة لا تخلو من سخرية...   
النصف الثاني من الحفل احيته كارول سماحة التي عبرت عن سعادتها بالتواجد مرة أخرى في تونس وتحديدا على ركح قرطاج لأول مرة، لتمر بعد تحيتها لجمهورها الذي هنأها بعيد ميلادها إلى وصلة غنائية ابتدأتها بتحية للطفولة بأغنية الطفل العربي والتي تؤديها للمرة الأولى على المسرح وأدت بعد ذلك مجموعة من أغانيها المعروفة كـ«غالي عليّ» و«خلّيك بحالك» و«مش معقول» لتختم بأغنية «واحشاني بلدي» التي طالبها الجمهور بأدائها منذ دخولها.
يبقى ان نشير الى ان كارول سماحة خانها صوتها في سهرتها القرطاجنية الأولى ولئن حاولت تدارك الأمر من خلال قيامها ببعض الحركات الاستعراضية فان ذلك لم يشفع لها ارتباكها وبان بالكاشف انها مدينة للجبالي بنجاح الحفل عكس ما صرحت به حيث اكدت سماحة خلال ندوتها الصحفية انها كانت تتمنى اعتلاء ركح قرطاج بمفردها ودون الجبالي في المقابل برهن محمد انه كسب الرهان وتفوق على غرور كارول سماحة.

غزة في الوجدان وعرض مارسيل للنسيان

لا يختلف اثنان حول المكانة التي يحظى بها الفنان مارسيل خليفة في تونس، فهو يمثل رمزا للمقاومة بأغانيه الثورية التي يرددها الجميع عن ظهر قلب، في المقابل نعتقد ان توافد الآلاف لمتابعة حفل مارسيل خليفة على ركح المسرح الأثري بقرطاج، كان تضامنا مع ما يحدث في غزة، من عدوان صهيوني غاشم .
مارسيل خليفة حرّك جمهور قرطاج ودفعهم الى التفاعل معه والى رفع العلم الفلسطيني عاليا بمجرد ان اعلن انه سيهدي اغاني هذا العرض لأطفال غزة قائلا إنهم يواجهون عدوانا لا يرحم وحصارا لا ينتهي.
الحفل الذي انطلق بأداء النشيد الرسمي التونسي بأداء متميز للأوركسترا السمفونيّة التونسيّة بقيادة المايسترو حافظ دمق، استهله مارسيل بغنائية أحمد العربي التي كتبها الراحل محمود درويش، وقد رافقت أميمة الخليل والسوبرانو الألمانية  «فيليسيتاس» مارسيل في اداء هذا القصيد الذي يضم لا فقط أشعارا للمقاومة وشحذ لهمم المنتسبين إليها.
أنا أحمد العربي فليأت الحصار..جسدي هو الأسوار...فليأت الحصار» هكذا ردّد مارسيل ومعه جمهور قرطاج الذي هتف : «غزة غزة.. رمز العزة».
ولئن استطاع مارسيل خليفة ان يحرك في الجمهور التونسي الشعور بالانتماء وان يعيد اليه الاعتزاز بالدفاع عن القضية الفلسطنية من خلال اغنية «منتصب القامة امشي» للشاعر الفلسطيني سميح القاسم واغنية «احن الى خبز امي» و«ريتا» لينهي عرضه بأغنية «يا بحرية» فان مارسيل عجز عن تقديم الاضافة من خلال هذا العرض فلم يكن الحفل سوى تكرارا لهذه الاغاني القديمة، حيث كنا نتوقع اعدادا مميّزا  لأغاني خاصّة بخمسينية قرطاج يتماشى مع الاوضاع العربية والفلسطينية خاصة وانه اكد خلال ندوته الصحفية ان العرض هو هدية لاطفال غزة.

بين السلطان والأمير: نور شيبة والشاب مامي يتألقان على المسرح الأثري بقرطاج

وسط حضور جماهيري كثيف، احتضن فضاء المسرح الأثري بقرطاج مؤخرا سهرة مشتركة بين كل من الفنان التونسي نور شيبة والمطرب الجزائري الشاب مامي
 وبين قديمه  والمتمثل في العكاز وجديده ونعني اللباس التركي اعتلى نور شيبة ركح قرطاج مؤديا  أغنية «زارتنا البركة»، بداية موفقة لشيبة الذي نجح منذ الوهلة الاولى في الهاب المدارج تصفيقا ورقصا، نور لم يكتف بالغناء بل شدّ انتباه الجمهور بكلمة حملت التحية لشهداء الوطن من المؤسسة العسكرية واعتبر شيبة هذا الحفل رسالة من الشعب التونسي لمن يريد شرا بالتونسيين .
نور شيبة  أمتع جمهوره ببعض الأغاني من ألبومه الجديد حريم السلطان على غرار «حريم السلطان» و»يا خالي» و»لا يمّة»، و»الحبيب اللي يبغيك» وكذلك أجمل أغانيه الإيقاعية القديمة  مثل «يا حب أشبيك» و»انتهيت من حياتي» و»وينك يا مولات البوسة خالة» و»يا عم علي» و»الحب صعيب»، وعلى مدار ساعة ونصف تفاعل الجمهور مع كل ما قدمه نور شيبة الذي لم يتمالك نفسه عن البكاء حين غنى»جرح بلادي يبرى وندير عليه ضميدة« و«الي يخون ترابك يا تونس يحفر قبره بيده»، ومن اللحظات المؤثرة في حفل نور هي رفعه للعلم التونسي وتقبيله إياه.
وبعد ما تركه شيبة من انطباعات طيبة وتأكيده لكل من انتقد حضوره بقرطاج انه جدير بثقة ادارة المهرجان، اعتلى الشاب مامي الركح مؤديا لاغنية «يا لا» و«أزواو» وهي أغنية قبائلية للفنان «أيدير».
وبعد تحيته لجمهوره انطلق مامي في اداء اشهر اغانيه على غرار «عمري ما ظنيت« و «انت ضري وانت دواي» لينتقل إلى أغنيته الجميلة «مالي مالي»
وتنفيذا لوعدهم أثناء الندوة الصحفية اعتلى الفنان نور شيبة  مجددا الركح ليؤدي رفقة الشاب مامي أغنية «أزواو» لإيدير.

جمهورية للجميع: شكري بوزيان يوحد بين كل الأنماط الموسيقية

في سهرة خاصة من نوعها، استضاف الفنان شكري بوزيان في عرض «جمهورية للجميع» الذي قدمه يوم 25 جويلية الفارط على ركح مهرجان قرطاج عددا من الفنانين التونسيين الذي قدم كل منهم طابعا غنائيا خاصا.. وأعطى الفنان شكري بوزيان إشارة البداية بأغنية تغنت بالوطن وذلك بمشاركة الفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة المايسترو محمد لسود ليعتلي بعد ذلك الثنائي آمال الحمروني وخميس البحري الركح ليقدما أغنيتين تدخلان في باب الأغنية الثورية... وقالت آمال الحمروني إنّ تونس أعطت معنى للجمهورية عبر العصور وستصبح جمهورية ديمقراطية أمّا بالنسبة للأغنية البديلة، فقد أدّاها الفنان الشاب مهدي آر 2 آم التي تقول كلماتها انّ «الثورة باعوها القشارة»
ثمّ صعد على الركح الثنائي قمر بوزيان وحمزة بوشناق ليقدما وصلة من الغناء الغربي.. ثمّ تسلم بوزيان المصدح ليقدم أغنية «يجي لبالك» قبل أن يستدعي مغني الراب الجنرال الذي حيي شهداء الوطن وقدم أغنيته الشهيرة «ريس لبلاد».
ومن الجنرال الى الأغنية الطربية حيث صعدت أميمة طالب على الركح لتقدم أغنية «تونس طفلة شقراء» وعدد من الأغاني الأخرى.
ونظرا الى تأخّر الوقت، فقد سلّم الفنان شكري بوزيان المصدح مباشرة لممثلة الغناء الشعبي زينة القصرينية التي ألهبت مدارج المسرح الأثري بأغانيها الشعبية على غرار «داركم» و«يا مولى الموتور الزرقاء»..
ويمكن القول إنّ عرض الفنان شكري بوزيان كان بمثابة الكوكتال الموسيقي التونسي الذي راوح بين مختلف الأنماط الموسيقية ولابد من لفت النظر الى الرؤية الإخراجية المميزة للركح والتي أضفت الكثير على أداء الفنانين..
كما وجب التنويه بشيء هام جدا وهو سخاء الفنان شكري بوزيان وتواضعه مقارنة ببعض الأسماء الكبرى التي ترفض حتى فكرة أن يفتتح عرضها فنان شاب ولا تؤمن بقدرات المبدعين الشبان.. ولو نبحث عمّا أراد شكري بوزيان أن يثبته في عرضه القرطاجني، فيمكن القول بأنّه أكد مرة أخرى بأنّ الفنان الشاب جدير بان نمنحه الثقة وأن نعطيه الفرصة لكي يقول كلمته مهما ضاقت المساحات وانعدمت شركات الانتاج.

سناء الماجري